الأسرة والطفلالحياة الزوجيةمقالات

مسؤوليات الرجال وتدليل المرأة  في الإسلام

خطوات نحو إنشاء جيل النصر الموعود

بقلم أمل ابراهيم

الاسلام لم يكرم المرأة كما لم يكرمها غيره فقط …. بل لقد دللها وبالغ في تدلليلها كما لم يدللها غيره، واعتنى بها كما لم يعتني بها غيره في كل مراحل عمرها منذ ولادتها وحتى تبلغ من العمر عتياً.

وإذا عدنا إلى بداية خلق الإنسان حينما خلق الله آدم عليه السلام ثم خلق زوجته حواء من ضلعه وأسكنهما الجنة، نجد أن الله تعالى قد حذر آدم عليه السلام من كيد الشيطان له ولزوجته فقال تعالى: ” فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ” .. .  لماذا قال تعالى “فتشقى” ولم يقل فتشقيا ؟

خلق الله آدم عليه السلام للقيام بمهمة محددة وعظيمة وهي أن يكون خليفة في الأرض. ولكي يقوم بهذه المهمة الشاقة لابد أن يكون لديه من المقومات والصفات ما يمكنه من القيام بمهمته تلك، فهو مخلوق بفطرته كي يعمل و يجتهد ويقوم بحل ما يقابله من مشاكل وتخطي ما يعوقه من عقبات، فحياته هي عبارة عن عدد من المهمات الصعبة التي عليه أن يقوم بها في كل وقت وفي كل مرحلة من مراحل حياته، وكلما انتهت مجموعة تلتها مجموعة أخرى من المهمات الشاقة. ومهماته كبيرة ومتشعبة على مختلف الأصعدة سواء منها على النطاق الشخصي أو الأسري أو في نطاق الكد والسعي على الرزق أو في نطاق إصلاح المجتمع أو الجهاد أو طلب العلم ونشره والدعوة إلى الله. إنها كلها مسؤوليات  جسام تسلتزم أن يكون الرجل متيقظاً دوماً وعلى أهبة الاستعداد دوماً ومقاتل دوماً، كما تستلزم الحدة والتحدي والقوة والجلد والغلظة والصبر والمصابرة والإقدام والشجاعة وتحقيق مكاسب فعلية ملموسة على أرض الواقع والسعي للفوز والانتصار وعدم الرضا بالهزيمة وغير ذلك من الصفات الرجولية التي يستلزمها كونه رجلاً خُلق من أجل مهمة محددة هي الخلافة في الأرض. وبدون هذه الصفات الرجولية لا يستطيع القيام بتلك المهمة العظيمة وعلى قدر ما ينقص من هذه الصفات بقدر ما تقل قدرته على القيام بمهمته تلك.

المرأة هي السكن الذي يحتاجه الرجل كي يستطيع القيام بمهمته

ولكن الرجل كان محتاجاً لمن يمسح على معاناته ويزيل همومه وتعبه ويدعمه في آداء مهمته. كان محتاجاً للسكن الذي يأوي إليه و يشعر في معيته بالسكينة والدعة والراحة، ولا يحتاج معه لإشهار أسلحته الدفاعيه التي لابد له منها في كل أحواله ليتوقى الضربات التي قد تأتيه من أي إتجاه أثناء آداء مهمته على الأرض. هو كان محتاجاُ للراحة التي تساعده على استعادة نفسه كي يستطيع المواصلة وليشعر بلذة الإنجاز والنجاح و لتهدأ نفسه وتستكين.  فخلق الله له من ضلعه زوجته .. المرأة،  وحباها الله بكل المزايا والصفات التي تؤهلها لأن تكون له سكناً وتكون شقه الذي لا غنى له عنه لكي يقوم بمهمته التي كلفه الله بها.  فهي عطوفة حنونة سهلة سلسلة، ومنقادة لمشاعرها.  وهي في نفس الوقت جميلة في خلقتها ومؤنسة بطبعها، وهي بفطرتها مؤثرة لمن تحب على نفسها. كما أنها رقيقة وسريعة التأثر وكثيرة العطاء لكل من يحتاج لعطائها ودعمها من أب وأم وزوج وأولاد وأخوة وأخوات وأقارب وأصدقاء بل وحتى الغرباء.  وهي كذلك مستكينة لزوجها بفطرتها حيث أنها قد خلقت من ضلعه.

ولكي تنجح المرأة في مهمتها تلك كان لابد لها أن تكون – كما خلقها الله تعالى – مختلفة عن الرجل. فاهتماماتها تختلف عن اهتماماته وكذلك أولوياتها وطريقة تعاملها مع الأمور وطريقتها في حل المشاكل.

كما أنها ليست في معركة تعمل على الانتصار فيها دوماً، بل هي في واحة غناء تستظل بظل الرجل فيها و تنعم وتمرح و تملأها حناناً وسعادةً وسكناً وحباً وعطاءً.  لا يعنيها ما في الخارج من مشاكل وصراعات وتنافس وتحديات، بل هي في جنتها التي ترتبها لنفسها بين من تحبهم و يحبونها … زوجها وأولادها وأقاربها وذوي رحمها.  ومن المرأة كان الرحم الذي أمر الله بصلته وتعهد بوصل من وصله و قطع من قطعه .. فدورها مهم جداً في الصلات والتراحم الذان ينبعان من عواطفها الجياشة وقلبها الذي يتسع للحب والعطاء ثم تربيتها أولادها على ذلك وحثهم عليه والسعي ورائهم للتأكد من انصياعهم لهذا الأمر ويساعدها على ذلك فطرتها التي تنسى وتتجاوز كي تستطيع مواصلة العطاء.

كيف هُيئت المرأة للنجاح في مهمتها

 والله تعالى قد حباها وسلحها بملكات ومواهب كي تنجح في مهمتها تلك من الدلال والغنج والجمال والجاذبية والضعف والاستكانة. والله تعالى قد رقق قلب الرجل لضعفها ولدموعها وألمها ووضع في قلبه الشغف بها والانجذاب إليها والرغبة في حمايتها وإسعادها. وهذا جزء من وصف تلك الرابطة العجيبة التي وصفها الله تعالى في القرآن بأنها آية من آياته في قوله تعالى:” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”

ولم تقتصر مهمة المرأة على كونها سكناً للرجل فقط بل هي أيضاً لها مهمة عظيمة لا تقل أهمية عن مهمة الرجل.

فهي في الحقيقة تشارك الرجل في مهمة الاستخلاف في الأرض، بل إن هذه المهمة لا تكتمل بغير الدور الذي تقوم به المرأة في التفرغ لتربية النشىء والصبر على رعاية الصغار وغمرهم بالحنان والرفق اللذين تحتاجهما هذه المهمة، ومن ثَم إنتاج أجيال صالحة من الرجال والنساء مُعَدّة أفضل إعداد لاستكمال مهمة الاستخلاف في الأرض على أحسن وجه.  وبهذا تتكامل صفات الرجل من الشدة والصلابة والغلظة مع صفات المرأة من الرقة واللين والمرونة لتتم مهمة الاستخلاف في الأرض.

ولما كان هذا هو وضع المرأة في الحياة ووظيفتها في مهمة الاستخلاف في الأرض كان مهماً أن لا تنشز المرأة على زوجها بمعنى أن لا تستعلي عليه فتصبح تحدياً جديداً له داخل البيت عليه أن يتغلب عليه و يتعامل معه بطبيعته الرجالية كي ينتصر عليه.

وبذلك تنتفي المهمة التي خُلقت من أجلها المرأة لتكون سكناً للرجل وسنداً له، فتصبح بدلاً من ذلك عبئاً جديداً عليه أن يصارعه داخل بيته. فلا يعود البيت له ملجئاً يسكن فيه وتهدأ نفسه كي يستطيع مواصلة مهماته خارجه، وبالتالي لا يتمكن من آداء المهمات في الخارج على أكمل وجه.  لذلك وصف الله المرأة الصالحة بهذه الصفات  “فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله”،  ثم اتبع ذلك بذكر الصفة التي تهدد البيت فقال:”  وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا “.  وقد بقيت لسنوات أتفكر في معنى النشوز، ولماذا النشوز وليس شيء آخر .. إن النشوز هو ما يجعل الحياة داخل البيت غير سلسة ولا مريحة للرجل ولا للمرأة بل يجعلها ساحة صراع لفرض الرؤى والسيطرة والنصر. فيفقد البيت السكينة ويختل التوازن في آداء المهمات و يتعثر النجاج خارج البيت وداخله.

لكن الإسلام لم يترك الزوجين بدون إرشاد للوصول الى أفضل الطرق لتحقيق هذه السكينة والسعادة داخل الأسرة والبيت.  فلم تكتف الشريعة بأن فصلت حقوق كل من الزوجين على الآخر، بل إن هناك العديد من التوجيهات والنصائح للرجل كي يحسن أداء مهمته بصفته المسؤول الأول عن الأسرة ورب البيت والقوام عليه، كما أن هناك العديد من التوجيهات والتحذيرات للمرأة حتى لا تقصر في مهمتها تجاه زوجها وأولادها وبيتها.

 

تنبيه الرجال إلى طبيعة المرأة وطريقة تفكيرها المختلفة عن الرجل

هناك بيان وتعليم للرجل بطبيعة المرأة وما جبلها الله عليها من الطبائع والصفات المختلفة عن طبائعه وصفاته، حتي تستقيم الحياة وتسير بالسلاسة اللازمة وتستمرعلى المودة والرحمة، فلا يطالب الرجل زوجته بأن تكون مثله في تفاعلها مع الأحداث ولا ردات فعلها ولا تأثرها بها وإلا فقدت ما يميز كونها امرأة والهدف الذي خلقت من أجله.  ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم ” اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ، فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أَعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا.”. فقد كرر صلى الله عليه وسلم  قوله “استوصوا بالنساء” مرتين، مرة قبل الإخبار عن كونها خلقت من ضلع أعوج ومرة بعده. وقال أيضاً :” إنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لكَ علَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بهَا اسْتَمْتَعْتَ بهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا”. فذلك ليس فيه إقلال من شأن المرأة ولا اتهام لها، بل على العكس هو فيه شرح وبيان لما جبلها الله عليه من اختلاف عن الرجل في طريقة التفكير وفي نظرتها للأمور وحكمها عليها وتفاعلها معها.  هذا الاختلاف الذي قد يبدو للرجل على أنه اعوجاج في عقلها بما أن العقل هو أعلى مافي الضلع. ولكن هذا الاعوجاج هو من لوازم الأمر الذي خلقت له وهو أن تكون سكناً للرجل ومربية حنونة على الأطفال حيث تغلب عليها العاطفة بطبعها وهذا ما يميزها، فهو من لوازم مهمتها.  فلا يطمح الرجل إلى تغييره فتكون لها نفس انفعالات الرجل وطريقته العقلانية في الحكم على الأمور والتعامل معها فتفقد بذلك أحد مقوماتها التي تساعدها على آداء مهمتها بكفاءة وسعادة.

وكذلك قال صلى الله عليه وسلم: ” لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ ” بمعنى أنه لابد أنك ستجد فيها مالا يعجبك فلا تكرهها بسبب ذلك ولكن ابحث عن ما يعجبك فيها، فإذا فعلت فستجد عندها من الصفات ما يعجبك فارضها منها وقدرها لها وتغاضى عن مالا يعجبك فيها.  وهي أيضا عليها أن تأخذ بهذه النصيحة النبوية فترضى منه بما فيه من أخلاق وصفات جميلة وتقدرها له وفي نفس الوقت تتغاضى عما لا يعجبها فيه من صفات أخرى فهو بشر مثلها، وبذلك تسير الحياة ويستمر الود والرحمة فنحن لسنا كاملين ولابد من التغاضي والتراضي والعمل على إنجاح تلك الأسرة الجديدة من بداية زواجهما وفي كل مرحلة من مراحل رحلتما معاً.

كما أباح صلى الله عليه وسلم الكذب على الزوجة ليرضيها فقال: “لا يحلُّ الكذبُ إلا في ثلاثٍ كذبِ الرجلِ امرأتَه ليُرضِيها والكذبِ في الحربِ والكذبِ لِيصلحَ بينَ الناسِ”.

عظم أجر النفقة على الزوجة والأهل

فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن رفع اللقمة إلى فم الزوجه صدقة يثاب عليها الزوج فقال :”وَإِنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك”  أَيْ فِي فَمِهَا ….. يا الله ما أروع هذا.

وجعل صلى الله علية وسلم نفقة الرجل على أهله صدقة يثاب عليها زيادة على أجر آداء الواجب إذا ابتغى بذلك وجه الله فقال ﷺ: ” إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نفقَةً يحتَسبُها فَهِي لَهُ صدقَةٌ”.  بل جعل أفضل نفقة ينفقها الرجل تلك التي ينفقها على أهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”دينارٌ أنفقْتَهُ في سبيلِ اللهِ ودينارٌ أنفقتَهُ في رقَبَةٍ ودينارٌ تصدقْتَ بِهِ على مسكينٍ ودينارٌ أنفقتَهُ على أهلِكَ أعظمُهما أجرًا الذي أنفقْتَهُ على أهلِكَ “.  وهذه كلها مسؤوليات نفسية وأخلاقية ومادية على الرجل.

مقياس خيرية الرجال

كذلك جعل صلى الله عليه وسلم مقياس الخيرية هو مدى خيرية الرجل لأهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه وأنا خَيرُكم لأهلي”.  بل قد جعل مقياس الخيرية في حديث آخر هو مدي خيرية الرجل لنسائه فقال : “أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم”.  وهذه مسؤولية أخلاقية ونفسية.

التوجيه القرآني لمن يكره زوجته

أما في القرآن فقد أمر الله تعالى الرجال بإحسان عشرة النساء فقال تعالى :”وعاشروهن بالمعروف”. سمعاً وطاعةً ياربي، ولكن ماذا إن كنت لا أطيقها ..أكرهها؟ فقال تعالى:” فإن كرهتموهن “، وهنا ننتظر ماذا سيكون التوجيه لهذا الكاره لزوجته.  فيأتيه التوجيه الإلهي :” فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً”. وهذه مسؤولية أخرى من مسؤليات الرجال..

ولم يغفل الإسلام اشباع رغبة المرأة الفطرية في العلاقة الزوجية الخاصة . بل كفل لها ذلك بتوجيهات للرجل في هذا الأمر . وهذه مسؤولية أيضاً على الرجل أن يقوم بها ويراعيها حتى يعف الزوجة و يكفل لها هذا في الحلال.

مسؤولية الرجل عن الإنفاق على زوجته وأولاده

ولم يكلف الإسلام المرأة أي نوع من الإنفاق على زوجها وأسرتها، بل مهما كانت غنية ومهما ملكت من مال تبقى نفقة البيت كاملة مسؤولية الزوج وحده.  بل إذا أرادت أن تشارك هي عن طيب نفس فهي صدقة لها.  وبالتالي فهي ليست مكلفة بالخروج والكد والعمل كي تنفق على نفسها بل ذلك واجب على زوجها.  وهذه مسؤولية مادية على الرجل.

ثم نأتي لموضوع الطلاق، فإذا قرر الرجل تطليق زوجته فهو مأمور من الله تعالى بأن يفعل ذلك بالمعروف والإحسان وبشروط وكيفية مبينة في كتب الفقه تستدعي من الزوج أن يفكر جيداً بعقله في توقيت الطلاق و صيغته حتى لا يكون مخالفاً للشرع.  وهذه مسؤولية نفسية وأخلاقية عظيمة على الرجال حتى لا يتسرعوا في تطليق نسائهم ولا يستجيبوا لدواعي الغضب أوأية مؤثرات أخرى.

ثم إذا طلقها بالفعل فإما أما أن يبقي عليها في عصمته بمعروف قبل انقضاء عدتها أو أن يطلقها بإحسان إذا انقضت عدتها. مسؤولية جديدة من مسؤوليات الرجل الأخلاقية وكلها تصب في حسن معاملة زوجته حتى في وقت الفراق والطلاق.

 ثم وقتما تكون طليقته أيضاً فقد راعاها بعد طلاقها بمسؤولية أخرى مالية على الرجل وهي النفقة على المولود .. فإذا وضعت طفلها فعلى الأب نفقة ولده. فالرجل يلزمه نفقة ولده ، حال الحمل ، وحال الرضاعة ، وبعدها ولا يلزم الأمَّ ذلك ولو كانت غنية .

يا الله ماكل هذه الرعاية وما كل هذا التدليل.  وهذه كلها مسؤوليات مالية يتحملها الرجال.

نماذج من حسن عشرته صلى الله عليه وسلم مع أهله

ثم ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة  الحسنة في معاملته لزوجاته وتصرفاته داخل المنزل ، فلم يكن يشق عليهن.

والله تعالى يقول:” لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”.  ولهذا لما سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلُقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: كان خُلُقُه القُرآنَ.  فتعاملاته صلى الله عليه وسلم هي ترجمة لأوامر القرآن على أرض الواقع.  ومن ذلك على سبيل المثال أنه لما سُئلت عائشة رضي الله عنها ما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ في أهْلِهِ؟ قَالَتْ: “كانَ في مِهْنَةِ أهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَامَ إلى الصَّلَاةِ“.  وصح عن أحد الصحابة أنه قال: قُلْتُ لعائشةَ: يا أمَّ المؤمنينَ أيُّ شيءٍ كان يصنَعُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا كان عندَكِ ؟ قالت: “ما يفعَلُ أحدُكم، في مِهنةِ أهلِه، يخصِفُ نعلَه ويَخيطُ ثوبَه ويرقَعُ دَلْوَه”.  وهذه مسؤولية أخرى على الرجل مسؤولية فعلية وأخلاقية.

جانب آخر من جوانب أخلاقياته العاليه صلى الله عليه وسلم وهو ما أخبر عنه أبو هريرة رضي الله عنه حيث قال: “ما عاب رسول الله ﷺ طعاماً قطُّ، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه”. وهو خلق يتعلق أكثر ما يتعلق بمعاملة النساء لأنهن في العادة هن المسؤولات عن أمور الطهي والطعام.  فتقضي المرأة وقتاً طويلاً و تبذل جهدها لتطهو الطعام ولكن قد لا يعجب هذا الطعام من يأكله لأي سبب،  وهنا يأتي فعل قدوتنا صلى الله عليه وسلم ليضرب لنا مثالاً في حسن الخلق ومراعاة مشاعر المرأة وعدم كسر خاطرها. وهذه أيضاً إحدى مسؤوليات الرجال الخلقية والنفسية.

وأختم بهذا الحديث عن زوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها.  والشاهد منه هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ،:” وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي” حيث نستطيع أن نلمح مدى سمو أخلاقه صلى الله عليه وسلم . فما أجملها من أخلاق عالية راقية قل من يعرفها أو يتصف بها.

   فقد قالت رضي الله عنها :”أَلَا أُحَدِّثَكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَعَنِّي؟” قُلْنَا : بَلَى قَالَتْ : ” لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي انْقَلَبَ فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، وَوضِعَ رِدَاءَهُ ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ ، وَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ ، ثُمَّ انْتَعَلَ رُوَيْدًا ، وَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا ، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدًا ، فَخَرَجَ وَأَجَافَهُ رُوَيْدًا ، وَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي ، وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، وَانْطَلَقْتُ فِي أَثَرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَطَالَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ انْحَرَفَ وَانْحَرَفْتُ ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ ، وَأَحْضَرَ وَأَحْضَرْتُ ، وَسَبَقْتُهُ ، فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلَّا أَنِ اضْطَجَعْتُ ، فَدَخَلَ ” فَقَالَ : ” مَا لَكِ يَا عَائِشُ رَابِيَةً ؟ ” قَالَ سُلَيْمَانُ : حَسِبْتُهُ قَالَ : ” حَشْيَا ” قُلْتُ : لَا شَيْءَ قَالَ : ” لَتُخْبِرِنِّي ، أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ” قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ قَالَ : ” أَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي ” قُلْتُ : نَعَمْ قَالَتْ : ” فَلَهَدَنِي لَهْدَةً فِي صَدْرِي أَوْجَعَنِي ” قَالَ : أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟  قَالَتْ: ” مَهْمَا يَكْتُمُ النَّاسُ فَقَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ ” قَالَ : ” نَعَمْ ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ ، وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ فَنَادَانِي ، وَأَخْفَى مِنْكِ وَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ “.

 

أليست هذه كلها مسؤوليات على الرجال وكلها تصب في راحة المرأة وتدليلها ؟ تلك المسؤوليات التي تعتني بالمرأة وبراحتها وحمايتها وتفرض لها حقوقاً تجعلها تعيش سعيدة معززة مكرمة مما لم تسمع به نساء الغرب ولايحلمن به ولا يدور بخلدهن أن هذا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع.

مازال للموضوع بقية….. ودمتم بخير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى