الأسرة والطفلالحياة الزوجية

أريد أن أتزوج ذات دين ولكن .. هل هي جميلة !!

بقلم : أمل إبراهيم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  ( لو كانتِ الدُّنيا تعدلُ عندَ اللهِ جناحَ بعوضةٍ ما سقى كافرًا منها شربةَ ماءٍ)[i] فانظر ما للكفار من أموال و عتاد وأراض و قوة و غير ذلك لتعرف مقدار الدنيا عند الله.

وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: رضي الله عنه :الدُّنْيَا مَوْقُوفَةٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ كَالشَّنِّ الْبَالِي، تُنَادِي رَبَّهَا مُنْذُ يَوْمِ خَلَقَهَا إِلَى يَوْمِ يُفْنِيهَا: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، لِمَ تُبْغِضُنِي؟ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، لِمَ تُبْغِضُنِي؟ فَيَقُولُ لَهَا: اسْكُتِي يَا لَا شَيْءَ، اسْكُتِي يَا لَا شَيْءَ [ii]

وقد دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راقد على حصير فرأى أثر الحصير في جنبه، فبكى؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك)  فقال له: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله  فقال عليه الصلاة والسلام : (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ) متفق عليه.

وها نحن نرى الآن كيف يستغل أعداؤنا ما عندهم من نعمٍ لتكون فتنة للمسلمين سواء التفوق المادي و العلمي و التكنولوجي و الحربي و الطبي أو التقدم في وسائل الاعلام والتي يسيطر عليها اليهود و نشر الاباحية عبر التلفاز و الانترنت بكل مافيه من وسائل التواصل و الأفلام و المسلسلات والاعلانات العادية و الاعلانات الموجهة بغرض الاغواء.

و من ذلك الممثلات و النساء بصفة عامة اللواتي  قد تم اختيارهن بأعلى مواصفات الجمال و رشاقة التكوين والزينة وفي ملابس تبدي أكثر مما تستر … و يعرضون ذلك على المسلمين في وسائل الاعلام ليل نهار.

ويتوق الشباب المسلم الحالم بالزواج إلى جمال هاتيك النساء اللاتي يفرضن وجودهن عليه داخل بيته و في هاتفه و عبر شاشة حاسوبه الخاص و يود لو يتزوج في مثل جمالهن و رشاقة تكوينهن.

وفي كثير من الأحوال قد لاتكون كل هذه المواصفات مجتمعةً متوفرة … وقد لا تكون متوفرة أكثر بين ذوات الدين اللواتي يناط بهن انشاء بيت مسلم و تربية جيل يعتز بإسلامة و يسعى لرفع دين الله وإحياء سنة نبيه صلى الله عليه وسلم… و هنا تنشأ مشكلة قبل الزواج  في مرحلة البحث عن زوجة … ويختلف رد الفعل تجاهها من شخص لآخر. وأياً كان رد الفعل  فلابد من التذكير بأن جزءاً كبيراً من النقص والخلل في البيت المسلم يكون بحسب النقص والخلل في دين الزوجة وحسن تقواها و تمسكها بتعاليم ربها …

وقد قال الشاعر:

وهل يرجى لأطفالٍ كمالٌ       إذا ارتضعوا ثدي الناقصات

وقال أحمد شوقي:

الأم مدرسة إذا أعددتها          أعددت شعباً طيب الأعراق

وجزءٌ من الخلل أيضاً يرتبط بنوعية معاملة الزوج لزوجته فهو حين يعاملها معاملة سيئة ينعكس ذلك تلقائياً على معاملتها لأولادها و يتحول حزنها و ضيقها و معاناتها رغماً عنها إلى حدة وعصبية في معاملة الأولاد وبالتالي ينشأ الأولاد نشأة غير سوية.

وواحد من أهم الأسباب التي تدفع الزوج لسوء معاملة زوجته هو عدم رضاه عن شكلها أو أن شيئاً فيها لا يعجبه أو على غير ما كان يتصوره و يحلم به قبل الزواج …. فما الحل ؟

لقد جاءت السنة بأمر الخاطب بالنظر إلى من يتقدم لخطبتها .. ينظر إليها ليرى هل يقبلها زوجة  له وهل يستريح لشكلها أم ينفر من هذا الشكل ولا يريده وكذلك تنظر إاليه المرأة لنفس السبب …. وقد تبدو إمرأة لأحد الرجال في غاية الجمال و الجاذبية ولكنها تبدو ليس كذلك لرجل غيره …. وهذا من رحمة الله بعباده.

ومعلوم أيضاً أن أخلاق المرأة تضفي عليها شكلاً آخر غير شكلها الخَلقي إما بالجمال وإما بالقبح …. و أخيراً فليس بالجمال وحده تقوم البيوت بل و ليس بالمرأة وحدها ….فهناك تأثير كبير للمحيط الذي نشأت فيه والبيت الذي تربت فيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (تخيروا لنطفكم) [iii]

ويحضرني هنا كلاما لطيفا لجهاد الخازن عن الحب بين الزوجين : ( والوصف سيقصر عن تاج محل فالعين تعجز عن الاحاطة بروعته ناهيك عن القلم ولن أحاول أن أفعل ولكن أقول أنه نتاج الحب فالملك شاه جهان بناه لزوجته تاج محل وكان البناء ثمرة حبه لها وهو حب الخير لا الشهوة فالملكة أنجبت لزوجها أربعة عشر ولداً وبنتاً لذلك لايمكن أن تتصور أنها كانت ذات قوام رشيق أو نضارة وشباب) جريدة الحياة عدد 22 يناير 1993.

ولي هنا بعض النصائح للشباب المقبل على الزواج :

تواضع يا أخي في شروطك إلا الدين فاحرص عليه و تحرى فيه جيداً  فرسولنا و معلمنا أوصاك (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ولكن اذا كنت تريد مواصفات معينة في الشكل والمظهر فلا تقبل بغيرها حتى لا تظلم نفسك و تظلمها معك. واذا ذهبت لخطبة امرأة فانظر إليها جيدا وأفعل ما بوسعك حتى تتأكد من وجود هذه المواصفات التي تشترطها وأوصِ من يراها من أم أو أخت أن تصف لك ما تريد .

ثم اذا تزوجت امرأة ثم وجدت في شكلها مالا يعجبك -وهذا متوقع جداً- فإن كان مما يرجى اصلاحه فحاول أن تساعدها على ذلك بطريقة لبقة لا تجرح مشاعرها كأن تحضر لها ما يساعدها على ذلك . أما إن كان شيئاً لايمكن اصلاحه فالواجب ألا تجرح مشاعرها كأن تقول لها ” مالك هكذا !! أو فيك كذا !! أو تظل تبدي استيائك مما خلقها الله عليه ولا حيلة لها فيه وتكرر ذلك على مسامعها.

وكذلك على المخطوبة إن كان بها عيب لا يستطيع الخاطب ولا قريباته من أم أو أخت أن يروه أو يعرفوه فعليها أن تخبرهم به، وعلى الخاطب أيضاً إن كان فيه عيب خفي أن يخبر به من يتقدم لخطبتها مثل أن يكون مريضاً مرضاً عضوياً أو نفسياً و يتلقى علاجاً له .

فليس المهم فقط أن يتزوج الإنسان و لكن المهم أن يكون هناك وفاق وتفاهم بينه وبين من يتزوجه .

المصادر

[i] صحيح الترمذي للألباني

[ii] كتاب الزهد لابن أبي الدنيا

[iii] قال الشيخ الألباني :هو بمجموع طرقه هو ثابت قوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى