الأسرة والطفلتربية الأبناءمقالاتمنوعات

البطل الخارق.. مرة أخرى !

بقلم دعاء ليث

تكلمنا في المرة السابقة في فكرة البطل الخارق ونقصها

وأنها تؤثر في ثلاثة مفاهيم كبرى داخل أذهان الأطفال سلباً.. بل وهدما

وهي..

مفهوم الألوهية

ومفهوم البشرية

ومفهوم البطولة

بديل للبطل الخارق؟!

وقد سألت بعض الأمهات عن البديل لصورة هذه البطولة الخارقة التي يتعلق أطفالهم بها

وأقول لهم..

أنه هناك إشكال في طلب هذا البديل من الأصل

لأنه ليس فراغا يجب أن يملأ  ويسد

فكما قلنا إن بطولات الانبياء والصالحين فيها ما يكفي ويزيد

وإن سلمنا لفكرة البديل الذي يملأ الخيال،

فهذا البديل لا يصح أن يكون صورة كرتونية ثابتة نلقنها للأطفال

لأنه كما اتفقنا مسبقا عن البطولة أنها هبة ربانية، وهي متبطلة غير ثابتة

إذن كيف نصنع صورة ثابتة جديدة للأطفال ؟!

فنكرر نفس الخطأ الذي وقع فيه البعض بحسن نية بتقديم فكرة البطل الخارق بنسخة إسلامية، ظنا منهم جزاهم الله خيرا أنهم يحلون إشكالا ثقافيا وفكريا للمجتمع المسلم بخلق صور بطولية مماثلة للذهنية العربية،

 فيبدو بذلك أن الإشكال كان فقط في صورة البطل الغربي بعاداته المنحرفة، وأن الحل هو فقط وضع صورة مسلم بدلاً منه.. ولكنه بطلٌ خارقٌ. مسلمٌ.. يفعل العجائب والأساطير أيضا !ً

الفلسفة وراء هذا الصنع الصوري للبطل غير إسلامية المنبع أساسا

وهذا التأطير والتصوير المحدد لصورة البطل خاطئ ومضر تماما

حتى ولو كان مسلماً ويبدو عليه مظاهر الإسلام بالقول والفعل..

فهذا يناقض فكرة البطولة في ذاتها كما أسلفنا..

البطولة التي قلنا إنها يجب أن توافق مبدأ “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها”

ولا تناقض في الوقت ذاته السعي والبذل والتضحية والجهاد

حتى أننا نلمس هذا في تنوع أشكال بطولات الصحابة رضوان الله عليهم..

وعلى اختلاف وتنوع أشكال بطولاتهم

يظهر جليا اتفاقهم وتوحدهم جميعا في عناصر تأسيس هذه البطولة بداخلهم…

عناصر البطولة

نعم… عناصر البطولة حقيقة هي الثابتة

وهذا هو فقط ما يمكن أن نغرسه ونثبته في نفوسنا ونفوس أولادنا

حتى أنني بدأت مع أولادي في غرس فكرة عناصر البطولة تلك وكان هذا بالصدفة البحتة، في يوم كانوا قد أخبروني فيه أنهم سيصبحون أبطالاً وسيفعلون ويفعلون بالأعداء…

وقتها قلت لهم :

“هممم ! أنتم تريدون أن تكونوا أبطالاً مثل الصحابة وأبطال المسلمين..

(هنا بدأت ترتسم الفكرة في عقلي وتتبلور طريقة توصيلها لأولادي)

أرى أن هذا لا يمكن الوصول له إلا بالحصول على ثلاث قوى

أو اثنتان منهم على الأقل…. “

ورسمت لهم ٣ شموس أو نجوم في السماء تمثل الثلاث قوى..

فيهم نجم أكبر جداً من باقي النجوم وألمع

ورسمت أولادي على الأرض ينظرون للنجوم الثلاث..

وبدأنا نحكي قصة..

أتخيل فيها النجوم وكأنها تقترب لهم من الأرض حينا..

وحيناً تبعد وتطلع

آاه انظروا !

أمامكم رحلة طويلة طويلة

وفي أثنائها يجب عليكم أن تغتنموا تلك الشموس الثلاثة…

على مراد الله.

نعم… هذا هو شرط الحصول عليهم

لن يقتربوا من الأرض أبداً وتكملون رحلة البطولة..

إلا أن تكونوا قد اكتسبتموها خالصة لله..

احذروا ! لأن هذه هي فخاخ الرحلة..

لا تكتسبوها للدنيا ولا لتباهٍ ولا جاه ..

هذه الشموس تحمل أسماء القوى الخارقة (الحقيقية) المطلوبة للرحلة..

وبدونها الرحلة لا تتم…

قوة الدين.      🌟

وقوة العلم.      🌟

وقوة الجسم.       🌟

لو أصبح معك الثلاث قوى

وجنيتهم في الرحلة

وجاهدت طويلاً وأنت تحاول ايجادهم

ستصبح بطلا..

(( فقط )) إن شاء الله لك أن تكون

اعلم أنه حتى بعد كل هذه الرحلة الشاقة

قد لا يكون ما تريده أنت هو مراد الله منك..

أنت فقط هنا في هذه الرحلة.. تنتظر استخدام الله لك..

سواء معك تلك القوى..  أو لازلت تسعى لها..

ولكن أينما كنت وأينما أقامك ربك… هذا هو الخير لك..

وبطولتك كانت في ذات صبرك على الدرب.. كانت في سعيك وجهدك..

وقد تصادف نجوماً زائفة.. لامعة لمعاناً براقاً

ولكنها غير حقيقية.. لا تملك إلا لمعة السطح

أو شهباً كأنها شمسٌ.. تومض سريعاً ثم تنطفئ

فلا تنخدع يا ولدي.. وتمسك بالشمس والأصل

القوة العظمى

حسنا..

لإتمام الرحلة..

بما هو في وسعك..

يمكنك لو لم تستطع الحصول على الثلاث قوي أن تحصل على اثنتان فقط

وهما..

الايمان      🌟

والعلم       🌟

نعم يمكن ألا تكون قويا في جسدك مادام هذا فوق قدرتك

فقوة إيمانك وقوة علمك بإذن الله ستجبران نقص عافيتك..

مادام هذا هو اختيار الله لك

امممم إذن سؤال يا أمي..

ماذا لو لم يتح لي إلا قوة واحدة فقط..

فماذا أختار ؟!

قلت : تختار قوة الإيمان

هذه هي القوة الذهبية التي لا تعلوها قوة

والتي إن فقدتها فقدت كل شيء..

هذه هي قوتك العظمى..

وقود شمسك وشموسك كلها..

بدونها ينطفيء كل عالمك ويظلم تماماً

يصبح كونك خرباً وطريقك مظلماً موحلاً

ولن تصل أبدا..

قوة العلم نعم مهمة جدا

ًولكن ماذا إن لم يتح لك تعلماً بعد أن بذلت وسعا..

ًماذا إن كنت في عجز تام حتى عن أن تقرأ حرفا..

هل تقوض عالمك وأظلم ؟

لا..

مادامت معك قوة النور

الشمس العظمى

قوة الإيمان..     🌟

إذن أنت ملكت العلم الحقيقي الذي به تنجو وتكمل

كل العلوم فروع من هذا النور الأصلي الأكبر..

إن انطفأ هذا النور انطفى العالم كله

وإن أضاء أضاءت عوالم قلبك..

ومن وراءه باذن الله قد يتفتح لك نور جديد

وتظهر النجمة الثانية

العلم..       🌟

النجمة التي كنت تظنها قد ضاعت منك بانشغالك بجني النور الأول !

وهل تتخيل أيضاً يا بطل.. !

أنه حتى بالإيمان يقوى جسدك مهما ضعف ويتحمل لوجه الله ماهو فوق الوصف

فتأتي لك حتى تلك القوة الثالثة .. قوة الجسد     🌟 راغمة..

وقتما تحتاجها وبإذن ربها..

إعانة ورحمة من ربك وأنت في كرب الدرب

البطل الحقيقي

الفكرة أظنها استقرت في أذهانهم

وكلما يقول أحدهم لي سأكون بطلاً وأفعل وأفعل

أقول له احصل أولا يا حبيبي على الثلاث قوى

وأشير بأصابعي الثلاث صامتة مبتسمة مع نظرة بسؤال ذو مغزى

فينطلقون بأنفسهم يذكرون القوى وترتيبها

احصل عليهم لله ثم انتظر

وانظر.. فيم يضعك ربك

وإن لم تستطع بعد الجهد فاثنتان

وإن لم تستطع فواحدة لابد منها

ولا قوة لك بأمر الله إلا بها ومعها

علموا أولادكم أن بطولتهم ليست بالشخصيات الكارتونية الخارقة

أو بالحكايات الأسطورية حتى لو بصبغة إسلامية..

ولكن بطولتهم بالثلاث قوى

قوة الإيمان.. وقوة العلم.. وقوة الجسد

وطريق بطولتهم في ظل قواهم الثلاث

يرسمونه في خيالهم كما يريدون

 وبما ييسر الله لهم وبما يقدرون

وبما في الإمكان والوسع به يصلون

لا تأطير ولا تصوير لشكل بطل معين

لأن رب الرحمة والحكمة خلق البطولة على كل صنف ولون

دعاء ليث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى