خبر وتعليقملفات ساخنة

هل كان زلزال تركيا والمغرب نتيجة استخدام سلاح هآرب HAARP الأمريكي ؟

بعد تقديم واجب العزاء في ضحايا الكوارث في المغرب وليبيا ، ندعو الله أن يرحم الموتى ويتقبل الشهداء ويوقظ الأحياء من غفلتهم ويعيد الأمة لدينها

زلزال المغرب وتجديد التكهنات

فقد انتشرت مرة أخرى تكهنات عن دور سلاح هارب في افتعال هذه الكوارث .. وكنا قد نشرنا هذا التحقيق المطول عن حقيقة العلاقة بين هاارب وتلك الكوارث ، وتوصلنا فيه إلى انعدام العلاقة بين هاارب والزلازل ، وإن كان هناك بعض الدلائل على عمل تغيرات مناخية مؤقتة محدودة حسب الدراسات وحسب مخترع المشروع نفسه
وأرجو أن يكون في ذلك كفاية عن نشر “تكهنات أو نظريات” غير مدعومة بوثائق ولا تحقيق..
وهذا هو التحقيق بنصه دون تغيير:

الشائعات عقب الزلزال

بمجرد حدوث زلزال تركيا المدمر وفي الأيام التالية له انتشرت نظرية مفادها أن الزلزال قد تم التسبب فيه وتحفيز حدوثه عبر سلاح هآرب HAARP الأمريكي. واستدل البعض بأنه قد تم رصد أضواء ووميض في السماء في الدقائق القليلة التي سبقت الزلزال. واستأنس أصحاب هذا الادعاء بعدد من الحوادث التي سبقت الزلزال مثل إغلاق تسع قنصليات في اسطنبول وكذلك باللهجة العنيفة التي استخدمها وزير الداخلية التركي مخاطباً السفير الأمريكي بأن يرفع يده القذرة عن تركيا بالإضافة إلى تنبؤ أحد المهتمين بالزلازل بحدوث زلزال في المنطقة في وقت ما عاجلا أو آجلا في تغريده له قبلها بأيام قليلة (وإن لم يحدد تاريخاً لحدوثه لكنه حدد المكان بدقة) .

فهل تسبب هآرب فعلا في الزلزال؟

مشروع هآرب HAARP:

كلمة هآرب HAARP هي الحروف الأولى من الاسم الطويل للمشروع High-frequency Active Auroral Research Program والتي تعني “برنامج أبحاث الشفق النشط عالي التردد”. والشفق هنا إشارة إلى الشفق القطبي الذي يتولد في القطب الشمالي نتيجة أنشطة تتعلق بالمجال الكهرومغناطيسي والجزيئات المتأينة في الهواء.

ومشروع هآرب HAARP هو واحد من سلسلة من المشروعات العسكرية التي تأتي في سياق “حرب النجوم” ، وهو التعبير الذي استخدمه ريغان رئيس الولايات المتحدة الأسبق للتعبير عن تسليح الفضاء واستخدامه لأغراض عسكرية. والمشروع هو أحدث هذه السلسلة من المشروعات حيث استكمل بناؤه عام 1997 وظل تحت الإشراف المباشر لسلاح الجو الأمريكي والبحرية الأمريكية حتى عام 2014 حين تم تسليم إدارته إلى جامعةفيربانكس بولاية ألاسكا الأمريكية (وإن كانت التوقعات تقول أنه لازال تحت إشراف عسكري).

تاريخ السباق على تسليح الفضاء

وقد بدأت تلك المشاريع العسكرية لفهم الفضاء وإمكانية استخدامه عسكرياً ، بدأت مبكراً بعد اختراع القنبلة النووية ، حيث شهدت خمسينات وستينات القرن الماضي تفجير عدد من القنابل النووية في الفضاء على ارتفاعات مختلفة لدراسة تأثيراتها على طبقات غلاف الأرض المختلفة خاصة الستراتوسفير والأيونوسفير.  وأفضل مقال يجمع هذه الأنشطة العسكرية سواءً للأمريكان أم السوفيت هو بحث للعالمة روزالي بيرتل Rosalie Bertell الأستاذة الجامعية والراهبة عضوة مجتمع راهبات القلب المقدس Grey Nu of Sacred Heart وهي ناشطة في مجال البيئة (ويمكن مشاهدتها هنا وهي تتحدث عن الكيميتريل)، ويمكنك قراءة المقال هنا.

تفاصيل المشروع

يتكون مشروع هآرب من غابة من الهوائيات تضم 180 هوائي ضخم ، ارتفاع كل واحد منهم حوالي 20 متراً. وتعمل هذه الهوائيات مجتمعة على إرسال موجات راديو عالية التردد يتم تركيزها في بؤرة في طبقة الأيونوسفير وهي الطبقة العليا في الغلاف الجوي للأرض ، وتعمل هذه الموجات على تسخين تلك البؤرة في طبقة الأيونوسفير وعمل تغييرات مؤقتة لكن ذات آثار كبيرة وتطبيقات عسكرية ومدنية متعددة. وقد شرح بعض هذه التطبيقات مخترع المشروع ومصممه العالم برنارد إيستلوند Bernard Eastlund في فيديو قصير يمكنك مشاهدته هنا.

وحسب مقال العالمة روزالي بيرتل . فإن برنامج HAARP -المدار بشكل مشترك من قبل القوات الجوية الأمريكية والبحرية الأمريكية ، ومقره في جاكونا ، ألاسكا-
فإن البرنامج مصمم “لفهم ومحاكاة ومراقبة عمليات الغلاف الأيوني (الأيونوسفير) التي قد تغير أداء أنظمة الاتصالات والمراقبة.” يقوم نظام HAARP بإرسال 3.6 جيجاوات من الطاقة المشعة الفعالة من الطاقة الراديوية عالية التردد إلى طبقة الأيونوسفير من أجل الأغراض التالية:
1- القيام بتوليد موجات تردد منخفضة للغاية (ELF) للتواصل مع الغواصات في أعماق البحار
2- إجراء بحوث جيوفيزيائية لتحديد وتوصيف عمليات الأيونوسفير الطبيعية بحيث يمكن تطوير تقنيات لتخفيفها أو السيطرة عليها
3- توليد عدسات أيونوسفيرية لتركيز كميات كبيرة من الطاقة عالية التردد ، وبالتالي توفير وسيلة لإطلاق عمليات الأيونوسفير التي يمكن استغلالها لأغراض وزارة الدفاع
4- تسريع الإلكترون للأشعة تحت الحمراء (IR) والانبعاثات الضوئية الأخرى التي يمكن استخدامها للتحكم في خصائص انتشار موجات الراديو
5- إنشاء تأين محاذاة للمجال المغنطيسي الأرضي للتحكم في خصائص انعكاس / تشتت موجات الراديو ،
6- استخدم التسخين المائل لإحداث تأثيرات على انتشار الموجات الراديوية ، وبالتالي توسيع التطبيقات العسكرية المحتملة لتقنية تعزيز الغلاف الأيوني.

استخدامات هآرب

وبتعبيرات يمكن فهمها ، فإن استخدامات تتلخص في النقاط التالية:
1- يعمل هارب كرادار ضخم يكتشف الأجسام الطائرة بدقة كبيرة لأنه يصدر موجات راديو.
2- يمكنه إعاقة أو تدمير الأجسام الطائرة القادمة عبر موجاته الكهرومغناطيسية وكذلك عبر تسخين طبقات الغلاف الجوي التي تمر بها تلك الأجسام
3- تسخين منطقة معينة من طبقة الأيونوسفير وبالتالي دفعها لأعلى في الفضاء وعمل ثقب فيها ودراسة تأثير ذلك واستخداماته
4- التواصل مع الغواصات عبر موجات ذات تردد منخفض جداً (بتحويل التردد العالي إلى تردد منخفض عبر مرآة بلازمية في الفضاء)
5- عمل مسح لأعماق الأرض عبر هذه الموجات ذات التردد المنخفض جداً وبالتالي اكتشاف آبار البترول والمفاعلات النووية وغيرها.
6- التشويش على الموجات الراديوية المستخدمة في الاتصالات في منطقة معينة.

الاتهامات لمشروع هآرب

يتهم بعض الناس مشروع هارب بأنه يمكنه تحفيز الزلازل في المناطق المنتشرة على حزام الزلازل. وقد تم اتهامه بالفعل في التسبب في عدد من الزلازل حول العالم مثل زلزال أندونسيا سنة 2004 وزلزال اليابان سنة 2011 وكليهما بقوة 9 وما تلاهما من تسونامي. وفي حالة زلزال اليابان فقد استنأس البعض بصور للغلاف الجوي تظهر ارتفاع ملحوظ في درجة حرارة الغلاف الجوي فوق مناطق الزلزال قبل حدوثه بعدة أيام بما يعني استخدام سلاح هآرب المعروف برفعه درجات حرارة الغلاف الجوي.

ومن أهم من تحدث عن هذه الاستخدامات كان الدكتور نيك بيغيتش Nick Begich ، مؤلف كتاب “الملائكة لا تعزف هذه القيثارة (هآرب)” ، وتراه هنا يعطي محاضرة مفصلة عن مشروع هآرب HAARP الأمريكي الموجود في ولاية آلاسكا الأمريكية في شمال غرب كندا.

الاتهامات التركية لهارب:

ظهرت في تركيا اتهامات مماثلة للبرنامج بأنه تسبب في إثارة زلزال جنوب تركيا الحالي وقد رصدت الكاميرات أضواء في سماء المنطقة مباشرة قبل حدوث الزلزال بشكل جعل كثير من الناس يتهمون هآرب بالتسبب في الزلزال. واستأنس أصحاب هذا الإدعاء بعدد من الحوادث التي سبقت الزلزال مثل إغلاق تسع قنصليات في اسطنبول وتنبؤ أحد المهتمين بالزلازل بحدوث زلزال في المنطقة في وقت ما عاجلا أو آجلا في تغريده له قبلها بأيام قليلة (وإن لم يحدد تاريخاً لحدوثه لكنه حدد المكان بدقة) .

هل هناك دليل يؤيد الاتهامات

 لم تقدم أي جهة دليل على إمكانية هارب في تحفيز زلزال سواءً المصنعين والمؤيدين للمشروع أو المعارضين له. وحتى التطبيق المستخدم في مسح طبقات الأرض فإنه يستخدم ترددات منخفضة جداً من 1-20 هيرتز في الثانية وهذا الترددات المنخفضة لا تحمل طاقة كبيرة وبالتالي لا يمكن نظرياً أن تسبب أي نوع من التحفيز. وهذا ما يبدو لنا في الظاهر والله أعلم بما قد يخفونه عنا.

النشاط البشري المسبب للزلازل

قام فريقان من جامعتين بريطانيتين هما دورام ونيوكاسل بعمل إحصاء لكل النشاط البشري الذي يعتقد أنه تسبب في تحفيز زلازل أو ارتجاجات أرضية وأصدروا قاعدة بيانات بها كل الأنشطة التي وجدوا أنها تسبب الزلازل وحددوا 1239 مشروعاً يعتقدون أنها تسببت في زلزال أو ارتجاج أرضي. وقد صنفوا هذه الأنشطة في عدة فئات أهمها:

1- عملية التكسير الهيدروليكي المستخدمة في التنقيب عن البترول والغاز واستخراجهما وهي حقن سوائل (مثل الماء) تحت ضغط عالي في طبقات الأرض. وتسببت هذه الفئة في 33% من الزلازل الناتجة عن النشاط البشري.
2- حفر المناجم لاستخراج المعادن باستخدام المتفجرات وتسبب في 25% من الزلازل الناتجة عن النشاط البشري
3- حفر خزانات المياه لحجز المياه وتخزينها وتسبب في 15% من تلك الزلازل
4- عمليات استخراج البترول الاعتيادية وتسببت في 11% من تلك الزلازل
5- وهناك أنواع أخرى منها التفجيرات النووية واستخراج الحرارة من باطن الأرض والتخلص من النفايات السوائل وغيرها.

وإن كان هناك من هذه العمليات في المنطقة فهي عملية استخراج النفط في الشمال السوري بأساليب بدائية ومن المستبعد أن يكون قد ساهم في تحفيز زلزال بهذه الشدة.

الخلاصة

لا توجد أدلة قوية تؤكد إمكانية استخدام مشروع هارب HAARP في إحداث الزلازل بصفة عامة وبالتالي ليس هناك دليل يمكن التعويل عليه في تسبب هآرب بزلزال تركيا.
لكن هؤلاء الشياطين يحاولون بكل قوة أن يمتلكوا التقنيات المدمرة والتي تتيح لهم السيطرة على بقية البشر واستعبادهم ، ومشروع هارب من المشاريع التي لها تأثيرات كبيرة على الكوكب بصفة عامة لأنه ثبت تدميره جزئياً أو تغييره لبعض الأحزمة والأنظمة في طبقات الغلاف الجوي، فضلا عن تسببه في تغيرات مناخية بشكل مؤقت في المناطق التي تأثرات بالتغير في طبقة الأيونوسفير نتيجة إطلاقه عليها.

وكما قلنا في مقالنا السابق عن زلزال تركيا ، أن الزلازل هي عتاب من الله لعبيده لبعدهم عن طريقه واقترافهم المعاصي ومجاهرتهم بها. فقد ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه لما رجَفَت الأرضُ بالكُوفة قال: «أيها النَّاس: إن ربَّكم يستعتِبُكم فأعتِبُوه؛ (أي: فاقبَلُوا عتبَه)، وتوبوا إليه قبل أن لا يُبالِيَ في أي وادٍ هلكتُم»، والله أعلى وأعلم.

نسأل الله الرحمة لمن مات شهيداً تحت أنقاض الزلزال والصبر والسلوان لذويهم والشفاء العاجل للمصابين ، والعودة والإنابة إلى الله لنا ولكل الأمة ، وأن يكون الزلزال سبباَ لتوبة العاصين واستيقاظ الغافلين ونهضة الأمة من سباتها لتؤدي مهمتها في إزالة إفساد المفسدين. والحمد لله رب العالمين الذي لا يحمد على مكروه سواه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى